حلم ولا علم
المحتويات
الحمام الملحق بغرفتهما
مستبدة!!..
تناول يوسف الغداء برفقتهم وكان الجد قد صمم على ذلك منذ أن انفصل يوسف في طابق بمفرده مشيرا الى والد هبة انه أصبح فردا من العائلة وأنه لن يذهب الى جناحه الا وقت النوم فقط فاصبح يتناول وجباته معهم بعد ان رفع عنه الجد الحرج..
توجه أمجد و هبة الى الخارج حيث الحديقة حيث سارا بين الأشجار الخضراء الباسقة مستنشقين عطر الورود الذي يفوح في الهواء وفيما هما يسيران اخبرها أمجد ان هناك من يريد رؤيتها لتقطب مستفهما ولكنه ابتسم ممتنعا عن الاجابة مشيرا عليها بالتمهل ليتوجه معها الى الاصطبلات حيث حصانه عنتر و شمس والتى ما أن رأتها هبة حتى قفزت بسعادة وصيحة فرح تنطلق منها ثم اتجهت اليها ووقفت بجانبها تمسد شعرها وهى تهتف بسعادة كبيرة
لم تسمع أى تعليق منه فالتفتت اليه متسائلة لتجده يقف متسمرا كالتمثال يطالعها بجمود بينما يتساءل بحيرة وغرابة
هبة انت قلت اسم شمس صح!!
قطبت جبينها وأجابت وقد شحب وجهها قليلا
انا ... انا معرفش! انا فجأة لاقيتنى بنادي لها من غير ما أحس ...
معناه ايه دا يا امجد انا بخف مش كدا هفتكر صح
هز براسه موافقا وقد شحب وجهه ولا يعلم أيفرح لظهور أولى بوادر الشفاء أم يقلق لخوفه من ردة فعلها عندما تعود اليها ذاكرتها
انتبه على انتظارها اجابته فقال
ان شاء الله حبيبتي هتخفي وتفتكرى كل حاجه بس عاوز اطلب منك طلب!!
اؤمر ..
تقدم منها ووقف أمامها ناظرا الى عينيها وقال
اوعى تنسي ابدا انى بحبك وانك اغلى حاجه في حياتي ومهما حصل اوعديني أنك مش ممكن تبعدي عني وتسيبيني ..
حدقت اليه مندهشة وتساءلت
غريبة يا امجد ايه اللي يخليك تقول كدا انا واثقة ومتأكده انك بتحبني وانا كمان بحبك ومش بس كدا.. انا بيتهيالي لما فقدت الذاكرة إن كل حاجه نسيتها إلا حبك! اول ما فتحت عينيا وشوفتك حسيت بقلبي بيدق بفرحه غريبة.. زى التايه اللي وصل بر الأمان!! انت بر الأمان بالنسبة لي يا
رفعت عيناها تنظران اليه بحب جعلته يتيه في بحورهما وتابعت بحب
علشان كدا كنت بستنى معاد زيارتك ليا في المستشفى بفروغ صبر.. عشان اشوفك واتكلم معاك.. انت عارف.. انا عاوزة الذاكرة ترجع لى علشان مش عاوزة اى يوم من ايامنا سوا يروح من بالي ...
ضمھا اليه بشده وهو يقول
وانا كمان بحبك اكتررر يا قلب أمجد ...
بس عارف.. دى مش اول مرة اشوف الحصان بتاعك
نظر اليها بغرابة وقال
مش فاهم
أجابت وهى تحرك كتفيها علامة الجهل
مش عارفة بس دى اول مرة توريني الاحصنه بعد اللي حصلي صح هز برأسه موافقا فاكملت قائلة
بس دي مش اول مرة اشوف عنتر ! فاكر الحلم اللي حكيتلك عليه آخر يوم لينا واحنا في الجزيرة
أهو الحصان والزرع اللي حلمت بيهم يبقوا عنتر والجنينة هنا إنما السؤال بأه.. مين البنت اللى خوفتني في الحلم
ابتلع امجد ريقه بصعوبة وهو يتجنب النظر اليها ..وفجأة اذ بها تمسك برأسها بيد يديها وهي تئن پألم فهتف امجد پخوف
هبة حبيبتي مالك حاسة بايه
نطقت بصعوبة
مش عارفة يا امجد صداع فظيع جالي مرة واحده..
قال وقلبه يتآكله من القلق عليها
انت ارهقت نفسك بكتر التفكير ممكن بأه ماتفكريش وتسيبي نفسك براحتك ودلوقتى تعالى معايا هتطلعى ترتاحى خاالص وهقولهم يطلعولنا العشا فوق باقي اليوم راااحة إجباري...
هزت راسها مبتسمة
مش اووي كدا يا حبيبي هما شوية صداع.. هاخد اي قرص مسكن وانام شوية وهبقى كويسة ان شاء الله ..
حرك راسه نافيا من قبل أن تنهي كلامها وقال
مش هنتناقش دلوقتى اهم شئ نروح نديكي قرص مسكن وتحاولى تنامى شوية ...
عادا الى طابقهما حيث ابدلت هبة ملابسها ودخلت الى السرير وقد شدت الغطاء عليها فظهر شحوب وجهها الذي رآه امجد عند دخوله عليها يحمل كوب ماء وقرصي مسكن فلفت نظره شحوبها وشعرها المتناثر على االوسادة حولها مدت يدها وتناولت الدواء وبعد ان شربته رتب امجد الغطاء جيدا حولها وظل بجانبها يربت على شعرها حتى ڠرقت في سبات عميق ...
استيقظت هبة على صوت قرقعة صحون ففتحت عينيها وحمدت الله ان الصداع قد زال ثم نظرت الى باب الغرفة فرأت سميرة وهى تصف أطباق الطعام بهدوء على المائدة المستديرة الصغيرة التى تقع بجانب الاريكة الجلدية فاعتدلت وقالت بصوت خفيف
سميرة !! انت بتعملى ايه
رفعت سميرة راسها متفاجئة وهتفت
ست هبة يقطعنى صحيتك انا آسفة معلهش مع انى والله كنت بتحرك بشويش سي امجد منبه عليا ومشدد انى معملش قلق واسيبك نايمه براحتك ..
قالت هبة وهى تجلس في مكانها وتستند بظهرها الى السرير
لا يا سميرة انا كدا.. كدا.. كنت هقوم دلوقتى بس انت بتعملى ايه وايه الاكل دا كله
أجابتها بابتسامة
دا العشا سي امجد طلب منى اطلعه لحضرتك علشان لما تقومى وتفوقى كدا تتتعشي بالهنا ...
قالت هبة وهى عاقدة جبينها
وال أ . امجد فيين
اتجهت سميرة حتى وقفت بجانب الفراش وأجابت
سي الاستاذ امجد تحت في اودة المكتب وقالى اجيب العشا هنا علشان حضرتك تعبانه شوية من السفر ومش هتعرفوا تنزلو تتعشو معهم تحت مع ان مدام سعاد بترتب للعشا دا من يومين وقالت لنا على اصناف كتيير نعملها بس ياللا مش مهم المهم صحة حضرتك ...
ابتسمت هبة وقالت
طيب ايه رايك تساعديني ونعمل مفاجأة صغيرة لماما سعاد
فقالت سميرة
عينيا اؤمريني..
قالت هبة وهي تنهض من الفراش
انك توضبي الاكل دا تانى وتستني معايا لغاية ما اخلص لبس وننزل سوا نعملها مفاجأه لهم!..
فابتسمت سميرة
تحت امرك بس سي امجد ....
قالت هبة
لا حبيبتي ما تخافيش سي أمجد لما يلاقيني كويسة خلاص مش هيقول حاجه!! ..اغتسلت هبة واحست بالانتعاش بعد ذلك وارتدت فستان ينسدل متسعا الى منتصف الساق وقد انسدلت اكمامه حتى منتصف ذراعيها لونه اصفر من الحرير الطبيعي وقد رفعت شعرها فوق راسها وتركت بعض الخصلات تحيط بوجهها ووضعت القليل من عطرها المفضل وبعض من احمر الخدود والكحل في عينيها وحمرة من اللون الزهري الخفيف وارتدت حذائها المتوسط الارتفاع ثم نزلت مع سميرة التى كانت تسمي عليها وتقرأ الأذكار طوال الوقت!!
ما ان دخلت هبة غرفة الجلوس حتى ساد الصمت ثم ابتدأت علا بالكلام قائلة وهى تتجه اليها
اهلا اهلا بعروستنا ماشاء الله عليك ما انت زى الورد اهو اومال ابيه امجد قلقنا عليك ليه
ثم نظرت الى الشخص الواقف مشدوه امامها وتابعت بضحك
ايه يا ابيه كنت بتخزي العين عن عروستك
تدارك نفسه واقترب من هبة مقطب الجبين وهو يقول متجاهلا سؤال علا المرح
حبيبتي ايه اللى نزلك هي سميرة ما طالعتش العشا انا قايلها وكنت طالع دلوقتى نتعشى سوا
أجابته بابتسامة
لا ابدا جابته بس انا اللي نفسي اتعشى معكم وخصوصا ان دا اول عشا لينا بعد رجوعنا من السفر وانا عارفة ان ماما سعاد تعبت نفسها دا غير ان جدي وحشني وبابا وعلا وعلاء القاعده معكم كلكم بجد وحشتني اووى..
نهضت والدته واتجهت اليها وقالت وهى ټحتضنها
حبيبتي انت كمان وحشتنيا اكتر
فقال الجد
سيبيلنا شوية يا سعاد تعالى حبيبة جدك اقعدى جنبي هنا مشيرا الى مكان بجواره على الاريكة المذهبة الفخمة فاتجهت الى الجد تقبله وسمعت والدها يقول بضحك
وانا ايه ماليش نايب
فقالت بضحك
انت انت ليك اكبر ناايب يا ابو حجاج ..
ثم اتجهت الى والدها حيث قبلته هو الآخر وجلست بجانب الجد حيث أشار لها سابقا وقالت لوالدها بمرح معلقة على جلوسها بجوار الجد
معلهش يا ابوحجاج الكبير أمر ومش هقدر أخالف أوامره ..
ضحك الجميع الا امجد الذي وقف ينظر اليها بطرف عينه وقال
انت كنت مصدعه وتعبانه وانا قولتلك ترتاحى انهارده لكن طالما انت عنيدة وغاوية تتعبي نفسك انت حرة! وحرك كتفيه بلا مبالاة مما جعل هبة تعقد جبينها في تقطيبة خفيفة في حيرة مما لمسته من برود من جهته أجابت امه ملطفة الجو بعد كلمات ابنها المحتدة
معلهش يا هبة عريس وخاېف على عروسته بأه لكن ما تقلقش يا أمجد هبة ماشاء الله عليها زى الفل اهي ياللا اتفضلوا العشا ..
جلس الجميع حول مائدة الطعام وكان مقعد هبة بجانب امجد الذي تعامل معها بكياسة وبرود طوال فترة تناول الطعام مما جعلها تشهر بالدهشة باديء الأمر ولكنها تعلمه جيدا وتعلم انه يخفي ڠضبا مستترا وهى وحدها من سيقع عليها غضبه ولكنها لا تعلم لما ألم بالرأس وشفيت منه فما الداعي لكل هذه الجلبة بدأت تتآكل غيظا وهي تتساءل في نفسها.. انها ليست مريضة بمرض قوي هى فقط... فاقدة للذاكرة! فما السوء الذي فعلته جعله بمثل هذه الحدة
بعد تناول العشاء وفيما هم جالسون في الحديقة لتناول الشاي
والحلوى تقدم علاء ليجلس بجوار هبة وكان امجد قد إستأذن بالانصراف قليل ليجري مكالمة هاتفية مال علاء ناحيتها قليلا وهمس بينما انشغل الباقون بالحديث
حمدلله على السلامة يا هبة تصدقي اول مرة اشوف امجد اخويا سعيد بالشكل دا وبيضحك من قلبه فعلا .. بجد انت عملت معجزة!
أجابته بأبتسامة خفيفة
ولا معجزة ولا حاجة ..هو انا يمكن اكون فاقدة الذاكرة آه.. لكن مش فاقدة الاحساس!! واحساسي اتعرف على أمجد اول ما شافه وحسيت كأنى اعرفه من زمان امجد انسان طيب اووي وحنيين بطريقة مش ممكن وانا مبسوطة اووي وبشكر ربنا ليل نهار انه جعله من نصيبي ..
ابتسم علاء وقال
ربنا يسعدكم يارب ثم تابع
بقولك يا هبة .. انا اعرف ان اللى فاقد الذاكرة مش ممكن ينسى الحاجات اللى اتعلمها يعني القراية والكتابة مثلا وكدا ايه رايك.. انت كنت بتعزفي بيانو تحفة لو جربتي يمكن
اتسعت ابتسامتها وهى تجيب بحماس
اه ليه لأ
ابتسم قائلا
ايه رايك نعملهم سهرة موسيقية انا بالجيتار وانت بالبيانو
هزت راسها بقوة موافقة على اقتراحه فنهض من فوره حيث احضر الجيتار وبيانو كبير نوعا ما احضره بمساعدة سميرة و علا اللتان ما ان وضعتا البيانو ارضا حتى امسكت علا بظهرها وقالت متألمه
لما نشوف اللي احنا هنسمعه يستاهل ۏجع ضهري ولا لأ! رد علاء باسخفاف
هاه... يستاهل احمدي ربنا انك هتسمعيني مجانا بكرة هتبقي بتتحايلي عليا انى اسمعك وانا اللي برفض!!..
قال الجد ضاحكا
طيب سمعنا يا بتهوفن عصرك..
أجاب علاء بمرح
قصد حضرتك تقول سمعونا! انا مش لوحدى يا جدي انا معيا اكبر مفاجأة .. ثم اشار الى هبة متابعا بزهو
اقدم لكم هبة احسن عازفة بيانو في عصرها..
صفق لهما الجمع واتخذت هبة
متابعة القراءة