رواية سجينة جبل العامري بقلم ندا حسن كاااملة
المحتويات
الحديث لتستطيع أن تخفف عنه وتواسيه.. وهو هكذا فقط تربت على أحزانه ونظراته المنكسرة لا شيء غير ذلك.. فقط تنظر إلى ما يصدر عنه تشعر بأن هناك حمل ثقيل يحمله وحده فوق أكتافه ويبدو أنه أكبر بكثير من المرة السابقة..
إلى هذه الدرجة تخلل الحزن قلبه وتغلب عليه الألم والقهر إلى هذه الدرجة لم يعد قادرا على التحمل ليلقي كل آلامه هنا بين أحضانها صامتا لا يخرج منه شيء سوى أنفاس وعبرات محترقة لا يسمح لها بالخروج أبدا مهما حدث..
سألته واضعه يدها أعلى كف يده على الفراش تضغط عليه لتشعره بوجودها
ايه اللي حصل
تنهد بعمق ناظرا إليها بسخرية
ايه اللي حصل.. سؤال بسيط بس الإجابة صعبة أوي يا غزال
هسمعك
زفر الهواء بحدة وعاد للخلف يستند إلى ظهر الفراش ينظر إليها ثم بدأ في الحديث يقص عليها كل شيء من البداية بعد أن انكشف سره إلى الجميع لما هي لا
أبويا هو اللي كان تاجر سلاح.. بيساعده يونس يونس اللي طمع في الفلوس والجاه والغنى وأنه يبقاله كلمة مسموعه وسط الناس كبرها في دماغه ووسع نشاطه بقى أكبر تاجر سلاح في البلد..
محسوبك كان محامي كان حلمي إني ابقى محامي أدافع عن المظلوم وابقى عادل وأدين الظالم محسوبك كل الناس وقفت ضد رغبته أولهم يونس وأبويا بس بعدين أبويا وافق قالك علشان لما يقعوا أنا الحقهم..
تابعته وهو يتحدث وتعمقت في حديثه تتذكره وهو حاكم عادل بين الجميع يأخذ بالٹأر من الظالم ويرد للمظلوم حقه أكمل بجدية وهو ينظر إلى الفراغ
رفع بصره إليها خجلا عيناه تمطر عليها نظرات الخيبة ليكمل بصوت خاڤت
بس.. أبويا أبويا اتمسك متلبس واټصاب كان بېموت بس مماتش وأنا مقدرتش أعمله حاجه لما حس أن حياته بتروح وفهم أن اللي عمله كان أكبر غلط في حياته اعترف.. اعترف على نفسه..
اسطرد يكمل بحزن تخلل داخله ووصل إلى أعماق قلبه
قطبت جبينها عليه مضيقة عينيها تتسائل داخلها كيف حدث كل هذا وهو الوحيد الذي يعلم! خرج السؤال من بين شفتيها باستغراب
إزاي
تفوه بجدية وإيجاز
ماټ.. قولنا إنه ماټ
سألته مرة أخرى باستغراب أكبر لا تفهم ما الذي يقوله ولا تستطيع أن تستوعبه ويوافق به عقلها
إزاي الكلام ده أتصدق
أومأ برأسه يتفهم أن ما يقوله صعب التصديق ولكنه بالفعل ما حدث يكمل بصدق وهدوء
هنا في الجزيرة الكلمة اللي أنا بقولها هي اللي بتبقى الحقيقة أبويا اتحبس بره الجزيرة وطالما بره الجزيرة مستحيل حد يعرف ده غير أن أنا كنت متفق مع الحكومة
لا يقف عقلها عن إلقاء الأسئلة عليها وبدورها هي تخرجها من شفتيها تعرضها عليه لتلقى منه إجابة مقنعة
إزاي اشتغلت معاهم وأنت ابن تاجر السلاح
نظر إليها للحظة بعمق وجدية شديدة لتخرج الكلمات من بين شفتيه بحدة
أنا اللي بلغت عنهم
نظرت إليه بقوة اتسعت عينيها من أثر الصدمة التي ألقاها عليها بمنتهى الجدية والثبات وكأن ما قاله أمر عادي قابل للتصديق والصمت من بعده..
ابتسم على نظرتها نحوه ولكنه أكمل بجدية
من بعدها شغلي كان مع الحكومة سري لأبعد حد لحد النهاردة محدش يعرف إني بلغت غيرك.. أنتي بس حتى عاصم مايعرفش
وجدها مازالت تنظر إليه نفس تلك النظرة الغريبة كليا وكأن عقلها لا يصدق ما قاله فسألها بخفوت ورجاء ينبعث في نبرته ألا تشعره بالذنب
أنا غلطت
ابتسمت وهي تقترب منه تقبض على يده بقوة تنظر إليه بابتسامة كبيرة لا تصدق أنه فعل هذا ويشعر بأنه المخطئ بعد كل ما قدمه إليهم مازال يشعر أنه المخطئ قالت برفق وهي تضع يدها على وجنته تمررها برفق
لأ يا جبل مغلطتش.. أنت عملت اللي عليك يا حبيبي حاولت تبعدهم عن الطريق ده ومعرفتش.. انتمائك لبلدك وحبك ليها هو اللي خلاك تعمل كده.. كرهك للظلم هو اللي خلاك تعمل كده
قال بخفوت وحزن
كتير من الأوقات بحس بالذنب
أومأت إليه برأسها بالرفض الشديد لما يقوله متحدثة بصراحة وقوة
ماينفعش تحس بالذنب أنت صح..
نظرت
متابعة القراءة